تطوير الذات

تطوير الذات
لكل من يهتم بتطوير الذات

شارك المدونة مع أصدقائك

بدون عنوان

الأحد، 29 أغسطس 2010

هل نحتاج حقا للتفكير الإيجابي؟


هل نحتاج حقا للتفكير الإيجابي؟



عندما تعطيك الحياة ليمونة، اصنع ليموناده!
بعض الناس ينجحون، وأكثرهم يخفق وهؤلاء يتحطمون لأن النموذج الذي يحاولون جاهدين بناءه يتهدم عليهم.

دمشق – بقلم د.تيسير حسون

ثمة مصطلحات و مفاهيم ما إن يتلقفها الناس والإعلام حتى تنتشر كالنار في الهشيم، و خاصة تلك المتعلقة بعلم النفس. ففي عصرنا نادرا ما نجد شخصا لا يستخدم، أو على الأقل لا يعرف مصطلح "العقدة النفسية" مثلاً.
ومنذ فترة ليست بعيدة سار على الألسن تعبير "التفكير الإيجابي" الذي صاحب دخول ممارسة مشكوك في جدواها، على الأقل كما تطبق في بلادنا، هي البرمجة اللغوية العصبية، التي نبتت كفطر في ليلة رعدية وصارت كالصحافة عمل من لا عمل له.
ويجري الآن تقديس التفكير الإيجابي في حضارتنا المعاصرة، بحيث أن توجيه الانتقاد له ولو كان بسيطا أمر لا يغتفر. والعديد من الناس يحلفون (برأس) التفكير الإيجابي، والقليل منهم قدم له هذا التفكير يد المساعدة. وبصراحة، هو ليس أداة ناجعة وقد يكون ضارا في بعض الحالات. وهناك الكثير من الطرق تقدم فوائد أفضل بكثير مما يُزعم أن التفكير الإيجابي يقدمها.
وقد تكون العبارة التي خير ما تمثل التفكير الإيجابي هي "عندما تعطيك الحياة ليمونة، اصنع ليموناده". يبدو ذلك شديد البديهية بحيث أننا لا نسائل الحكمة من وراء المثل. و لكن لن يلزم الكثير من التنقيب لكشف الشقوق في هذا الاستنتاج.
أولاً، هل قدمت لك الحياة حـقا ليمونة، أم أن تلك كانت استجابتك الأولية دون تفكير فحسب؟ ثانياً، هل الليمـونة شيء سيء فعلاً أوشيء لا تريده ولــكن بما أنه لديـك فإنك سـتأتي بـ"الديب من ديله" بصنع الليمونادة؟
معظمنا يميل لاستخدام تعبير "سيء" من ثلاث إلى عشر أضعاف استخدامه لتعبير "جيد". وعندما نقول أن أمراً ما سيئا فإن التحيز يغمر تفكيرنا بحيث أننا سنختبر السوء فيه. وهنا نحتاج للتفكير الإيجابي. لقد أُعطي لنا شيئا سيئا (ليمونة حقيقية) ومن الأفضل لنا أن ُنخرج شيئا من هذا الوضع "السيئ". هذا مبتذل و ممل.


والآن ليعد كل منا إلى ماضيه، هل يمكننا أن نتذكر أمثلة عن شيء فكرنا في البداية أنه سيء ثم تحول إلى شيء ليس سيئا تماما أو ربما شيئا جيدا؟ مثل أن تكون تأخرت عن موعد القطار واضطررت للانتظار نحو ساعة أو أكثر للرحلة التالية فكان شعورا سيئا ما عدا أن جارك قد تأخر أيضا وبدأت حديثا وتطورت صداقة جميلة منذ ذلك الوقت.
ستجد العديد من الأمثلة في حياتك بعضها ذو أهمية كالعمل الذي أردته باستماتة لكنك لم تحظ به، لتجد عملا أفضل بكثير يأتي إليك لم تكن لتقبله لولا الرفض الأول.
لنفترض فرضية ثورية، إنه ومهما حدث لك فلن تلصق لصاقة سيئة على ذلك. مهما حدث: طرد من العمل، فاتورة هاتف رهيبة، طلب طلاق من زوجتك، معرفتك أن ابنك يتعاطى المخدرات، أو أشياء من هذا القبيل. كل ذلك لا يبدو مسليا أو مضحكاً بالتأكيد، بل أمور مخيفة وقاسية. هل من المحتمل، فقط من المحتمل، أنك وُضعت تحت إشراط أن تفكر بهذه الأمور بوصفها تراجيديا رهيبة وبالتالي تختبرها على أنها كذلك؟
بعض الناس يزدهرون حين يواجهون صروف الدهر، بينما يتحطم آخرون. والعديد ممن يتقدمون بانتصار لا يدمغون ما يمرون به بالسيئ و يندبون حظهم. هم ببساطة يتعاملون معه كشيء معطى، حالهم كحال المهندس المدني الذي يقوم بمسح طبوغرافي لكي يشق طريقاً. هنا، وجود المستنقع ليس أمراً سيئاً. هو شيء يتعين لحظه في خطة التشييد.
إذا لم تدمغ شيئاً بالسوء، فلن تحتاج للتفكير الإيجابي. و كل الشدة التي تصاحب حدوث أمر سيء وتجربته بوصفه كذلك والتفكير بكيفية استخراج الليمونادة منه، ستتبخر ببساطة.
لنلاحظ الحصاة في حذاء التفكير الإيجابي. "هذا أمر سيء، سيء حقاً. إنه ليمونه. ولكن بطريقة ما سأستخرج منها بعض الليمونادة، وعند ذاك لن يكون الأمر شديد السوء".

 

في الأول تفكر في سوء الأمر، ثم تفكر بأنك بشكل ما ستجعله أقل سوءا. و هكذا تبدأ بالتجديف ضد تيارات المياه القوية وتخادع نفسك. بعض الناس ينجحون، وأكثرهم يخفق. وهؤلاء يتحطمون لأن النموذج الذي يحاولون جاهدين بناءه، يتهدم عليهم. ولهذا يمكن للتفكير الإيجابي أن يكون مؤذياً.
هل يمكنك بالفعل أن تشق طريقك في الحياة دون أن تسم ما يحدث لك بأنه جيد أو سيئ؟ يمكنك بالتأكيد. يجب أن تدرب نفسك على ذلك، فقد وُضعتَ تحت إشراط أن تفكر بالأشياء على أنها جيدة أو سيئة. يمكنك أن تزيل الإشراط عن نفسك. الأمر ليس سهلاً و لا سريعاً، لكنه ممكن.
لنفترض أن ساقك انكسرت. هناك الكثير لتفعله كالذهاب إلى جراح عظمية لتجبير الكسر، ومن ثم العلاج الفيزيائي بعد اندماله. و لكن كل ما عدا ذلك نوافل لا مبرر لها: "لم حصل ذلك معي؟ الأمور السيئة دوما تعترض سبيلي. يا لشدة ألمي" ليس عليك أن تحمل كل هذا العبء، والسبب الوحيد في أنك تحمله هو أنه لم يخبرك أحد أنه ليس عليك أن تحمله.
إذن، أقول لكم لا تحملوا عبئا عديم الجدوى. لا تدمغوا ما يحدث لكم دمغة "سيء". عندها لن تحتاجوا للتفكير الإيجابي، والكثير من الكرب النفسي سيزول من حياتكم.


الدكتور تيسير حسون - باحث ومعالج نفسي
  المصدر || ميدل ايست اونلاين

هناك 22 تعليقًا:

  1. جمييييييييييييييييييييييييييييييييل كل الشكر

    ردحذف
  2. فعلا المفترض أن لا نبدأ بالتفكير بفكرة سيئة لكي لا نحمل عبئها في أنفسنا....

    شكرآآآآ جزيلا

    ردحذف
  3. مشكورعلى المعلومات وانامن محبي الدورات في هاذاالمجال اتمنى افادتي اكثر

    ردحذف
  4. كلام رائع جدا وانا اقول لكم(اذا اعطتكم الحياة ليمونة؟
    اصنعوا منها ليموناده

    ردحذف
  5. رائعه جدآ

    دمتم إيجابيين =)

    ردحذف
  6. مقالة في منتهى الروعة و الأهمية...

    أتمنى من الجميع الاستفادة من مثل هذه المقالات النافعة...

    شكراً لكم :)

    ردحذف
  7. مقاله هادفه


    اشكرك ..
    bobo

    ردحذف
  8. شكراً لك و جزاك الله كل الخير
    بإنتظار المزيد من المقالات الهادفة و المفيدة

    ردحذف
  9. شكرااااا
    وبانتظار المزيد

    ردحذف
  10. شكرا اول مرة اسمع هالمعلومة
    الله يجزاكم خير
    ونعم التفكير سيد تيسير حسون

    ردحذف
  11. موضوع رائع بمعنى الكلمة
    جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  12. محلاها مقال يعطيكم صحة و ربي بارك فيكم

    ردحذف
  13. كل شيء مقدر ومكتوب وربي مايكتب لعبده الا الخير
    وعدم دمغ الشيء بالسوء هو بحد ذاته تفكير إيجابي

    >>وجهة نظر
    مع شكري وتقدري

    ردحذف
  14. ألف شكر لك أنا حقا و بكل صدق لقد فعلت هذا لكن بطريقة أخرى و هي جد مجدية
    أولا في البداية كنت أفكر مثل ما قلت بالأمر إجابي أو سيء لكن في إحدى الأيام كنت ذاه إلى الثانوية و كان عندي إمتحان إنطلقت باكرا من المنزل و بقيت أنتظر الحافلة و لكن الحافلة تأخرت كثيرا فغضبت كثيرا و خفت أن يفوتني الإمتحان و ليكن في علمك أنه إمتحان الباكالوريا و لكن ماحدث حقا غير حياتي إلتقيت بطالب مثلي هناك في موقف الحافلات و بقينا نتحدث عن الإمتحان ثم سألني سؤال يخص الإمتحان فلم أجد له جواب ثم قمنا بالبحث عن الجواب في الدروس المهم عرفنا الجواب و بعدها سبحان الله توقف شخص بالسيارة لا نعرفه ثم نادانا و أقترح علينا أن يوصلنا فوافقنا بالطبع ثم أوصلنا حتى باب الثانوية ثم دخلت مهرولا هل تعرف ماذا حدث بعدها ..
    وجدت كل طلاب قسمي في الخارج السبب هو أن باب القاعة مغلق و هم يبحثون عن طريقة لفتحه و بعدها دخلنا القاعة و بدأت الإمتحان و ما وجدته أدهشني كثيرا و هو أن المسألة كلها مبنية على السؤال الأول و هو السؤال الذين تناقشنا فيه أنا و ذاك الطالب في محطة الحافلات الذي كنت أجهله سابقا ثم بعدها فكرت مليا بالأمر و علمت يقينا أن كل شيء في هذه الدنيا مقدر فلماذا أغضب إن أصابني شيء وهو في بادئ أمره مقدرا و بعدها دخلت الإسلام و أصبحت لا أكترث بأي شيء يصيبني لأني أعلم أن ما بعده يكون خيرا و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    ردحذف
  15. مشكوريييييييييييين كتيييييييييييير وبارك الله فيكم

    ردحذف
  16. السلام عليكم
    مدونة جميلة ورائعة ومفيدة
    أستمتعت كثيرآ في زيارتي الأولى لها
    أنا لدي قناعة تامة
    أن التفكير الأيجابي = سعادة
    فأنت تستطيع بنظرتك الأيجابية لكل الأمور
    أن تكون سعيدآ في حياتك
    حتى لو تكبدت المشاق والصعاب
    فطريقة تفكيرنا ام تكون مصدر سعادتنا أو شقائنا

    يعطيك العافية

    ردحذف
  17. السعاده هى اعتقادك فى وجودها
    كلمه لدكتور صلاح شفيع معلمى بالثانويه
    ربنا يبارك فيه
    ممكن لو سمحتم تقولى لى اشترك فالقائمه البريديه ازاى ,ولو مش موجوده ياريت بجدنلاقيها لان التنميه البشريه بصفه عامه مهمه جدا وبحبها بصفه شخصيه بستمتع اما بقرأ اى حاجه فيها وشكرا

    ردحذف
  18. مشكور دكتور جدا علي هذه المقالة الرائعة
    استنتاجي من مجملها ان الانسان يحتاج لان يكون مرنا لكي يستطيع تخطي جميع المشاكل والوصول الي الاهداف التي يريدها في حياته وعدم التذمر ......

    ردحذف
  19. موضوع غااية في الروعة

    ردحذف
  20. اكثر من رائعه

    ردحذف